قراءة في مشروع قانون هيئة الاتصال السمعي والبصري

خُبراء في القانون يُؤكدون أن مشروع قانون هيئة الاتصال السمعي والبصري "يشكو من نقائص عديدة" ويدعون الى حوار جدي من أجل إعداد مشروع قانون شامل ومُطابق للمعايير الدولية.

تونس في 2 جانفي 2018 - تُشدد دراسة أعدها خبراء في القانون انطلاقا من معطيات الواقع التونسي واستئناسا بالتجارب المقارنة في مجال التشريعات الاعلامية على ضرورة "إعداد مشروع قانون شامل يتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري مُطابق للمعايير الدولية". و تطالب ان يتم ذلك في إطار حوار جدي، مع مختلف الأطراف المعنية من خبراء ومُنظمات المجتمع المدني، يُعبر عن التزام وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان بـدورها في "المساهمة في تكريس التحاور المتواصل بين الحكومة والمجتمع المدني" من أجل "إرساء قواعد الديمقراطية التشاركية"، مثلما ينص على ذلك الأمر الحكومي الذي أُحدثت بموجبه الوزارة في 2016.

وتؤكد الدراسة المُقارنة، التي تنشرها اليوم جمعية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية ، وذلك قبل ان تتولى لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب، الاستماع إلى الوزير المهدي بن غربية بشأن مشروع القانون المُتعلق بهيئة الاتصال السمعي والبصري، أن هذا المشروع "يتناقض مع التوجهات المُلاحظة دوليا والساعية الى تبسيط المنظومات القانونية وتدعيم نجاعتها وفاعليتها، من خلال السعي الى الحد من تشتت القوانين والتراتيب وتوحيدها."
وتُبين الدراسة أن مشروع القانون الحكومي المُتعلق بإحداث هيئة دستورية مُستقلة للاتصال السمعي والبصري "يشكو من نقائص عديدة مُتمثلة في غياب التعريفات الضرورية لتفعيل أحكامه، إضافة الى هشاشة استقلالية الهيئة الناتجة عن طريقة اختيار أعضائها من قبل مجلس نواب الشعب، وتقليص اختصاصاتها والمُراقبة المُشطّة المُسلطة عليها"، واعتماده كذلك على مشروع قانون حكومي آخر مُتعلق بالأحكام المشتركة للهيئات الدستورية المستقلة الذي أقرت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، في أوت ونوفمبر 2017، بعدم دستورية بعض فصوله.

وتلاحظ الدراسة قيام الحكومة بإحالة هذا المشروع – الذي و ان تضمن عددا من الإيجابيات - الى مجلس نواب الشعب كنص جزئي و بشكل مُنفصل، لا يمثل مشروع قانون شامل لحرية الاتصال السمعي والبصري، الذي يُعتبر حجر الأساس في الدول الديمقراطية لتنظيم المشهد الاعلامي وحماية حق المواطن في اعلام ملتزم بقواعد المهنة الصحفية وأخلاقياتها ومُتحرر من قبضة مراكز النفوذ السياسي والمالي .

كما يغض المشروع الطرف عن الدور الريادي الذي يلعبه الاعلام السمعي والبصري العمومي و"مسائل أخرى هامة مُرتبطة بالقطاع، لاسيما الاشهار و سبر الآراء، إضافة لكونه يُعدُّ تراجعا في عدد من الجوانب عن المكاسب التي جاء بها المرسوم عدد 116 لسنة 2011."

ومن بين ما أوصت به الدراسة التي تطوع لإعدادها أساتذة القانون حفيظة شقير ومصطفى بن لطيف ورشيدة النيفر، بعد تبادل الرأي مع عدد من زملائهم في ندوات وحلقات نقاش احتضنتها في 2017 عدد من كليات الحقوق ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات دولية، ما يلي:

- التخلي عن تقسيم النصوص القانونية وتشتيتها وإعداد مشروع قانون موحد وشامل لمختلف جوانب النظام القانوني لقطاع الاتصال السمعي والبصري
- تدعيم استقلالية الهيئة لضمان مبدأ التناسب بين الاستقلالية والمساءلة
- إقرار مبدأ عدم قابلية العزل inamovibilité من قبل السلطة السياسية باعتباره من أهم ضمانات الاستقلالية بالنسبة للأعضاء
- تمكين الهيئة الجديدة من صلاحيات عقابية فعلية، وذلك على غرار مُحتوى الباب الثالث من المرسوم 116 المُتعلق بالعقوبات
- دعم الدور الرقابي للهيئة على منشآت الاتصال السمعي والبصري خلال الفترات الانتخابية والاستفتاءات و خاصة في ما يتعلق بمنع الإشهار السياسي
- بلورة باب خاص بالإعلام السمعي والبصري العمومي واستقلاليته وقيمه كمرفق عام يساهم في الارتقاء بتنظيمه وحوْكمته بما من شأنه إثراء وبلورة ما نص عليه المرسوم عدد 116 لسنة 2011 في هذا المجال.

جمعية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية